بإنطاق ولدها (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) إلخ وبرّأ عائشة بهذه الآيات العظام تعظيما للنّبي (ص). ثم إنّه تعالى أخذ في بيان ذمّ أهل الفسق والفجور ومدح أهل الصّلاح والتقوى فقال سبحانه وتعالى :
٢٦ ـ (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ ...) أي الكلمات الخبيثة للخبيثين من الرجال والنساء يعني : ينبغي أن تصدر عنهم أو تنسب إليهم (وَالْخَبِيثُونَ) من الناس معدّون أن تنسب إليهم (لِلْخَبِيثاتِ) أي الكلمات السّيئة الخبيثة التي لا ينبغي للطيبين (وَالطَّيِّباتُ) من الأقوال معدّة (لِلطَّيِّبِينَ) من الناس (وَالطَّيِّبُونَ) منهم (لِلطَّيِّباتِ) منها فإن طباع كلّ من الفريقين مائلة إلى ما يناسبها. وفي المثل : كلّ أناء يترشّح بما فيه. وقيل إن المراد بالشريفة : أن النسوة الخبيثات للرّجال الخبثاء وأن النسوة الطاهرات للرجال الطاهرين وهكذا العكس وقيل : إن هذه الكريمة بمعنى قوله تعالى : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) الآية ، فالجنسيّة سبب للألفة ، والسنخيّة موجبة للجذب والانجذاب ، وهذا أمر قهريّ طبيعيّ غير قابل للإنكار (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) ذيل الآية دليل ظاهره على أن المعنى الثاني هو المراد من الآية أي ممّا يقال فيهم ، وقيل : إن الإشارة راجعة إلى النبيّ (ص) وصفوان وعائشة ، أو راجعة إلى أهل بيت الرسالة ، والمراد بالموصول هو الإفك (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي رزق لا نقص فيه ولا تعب لأنه كثير دائم.
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ