أخذ بعدها ببيان برهان آخر بقوله سبحانه : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) أي ساكنة ميّتة يابسة دارسة ، من همد الثوب : بلي (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ) فإذا أمطرناها بالماء تحرّكت بالنبات واخضرّت (وَرَبَتْ) نمت وانتفخت ولم تعد قاسية جافّة (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) من كل صنف من الزرع وكل نوع من النباتات والأشجار الحسنة ذات الرّونق والبهجة. فالقادر على أحياء الأرض الميّتة بالماء ، قادر على إحياء الموتى ومستطيع لإعادة الأجسام بعد فنائها.
وبعد أن ذكر هذين الدليلين ، رتّب عليهما وقال سبحانه :
٦ و ٧ ـ (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ ...) أي ذلك المذكور من أحوال الإنسان والأرض ، كان بسبب أنه تعالى هو الثابت في ذاته الذي به تتحقّق الأشياء (وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى) يعيدهم بقدرته الكاملة. كما في القمي عن الصادق عليهالسلام(وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لا يستعصي على قدرته شيء أراده (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ) هي ساعة يوم القيامة جائية (لا رَيْبَ فِيها) بدون شكّ (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) يحييهم ويعيدهم كما كانوا بدون أدنى عناء. وقيل إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم.
* * *
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠))
٨ و ٩ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ ...) أي ومن الخلق من يناقش