أحاديث أخر وآيات أخريات كقوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) ، ومن الأحاديث : التمس الرزق في النكاح. وقيل إن واحدا شكا من الفقر عنده عليهالسلام فقال : عليك بالباءة (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) أفضاله كثيرة السعة لأن قدرته غير محدودة لا تتناهى فكذلك نعمه وأفضاله على العباد ، وهو يعلم ما تقتضيه حكمته فيبسط الرزق على وفق الحكمة والحاصل أنه من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله ، نعم لا بدّ وأن يعلم الإنسان أن النكاح لا يكون علة تامّة لغناء المتزوج ، فإن مشيئة الله لها الدّخل في أمور العباد وأنه تعالى لا يرفع يده عمّا فيه صلاح عبده فيرى إن كان صلاح العبد في الغنى أغناه وإلّا فلا ، نعم إذا أراد أن يغني عبده قد يجعل سببه التزويج في بعض الموارد لأن المدار جعله سبب الغنى بمعنى أنه علّق سعة رزقه على تزويجه. ويستفاد من الآيات والروايات أن للتزويج دخلا في الرزق أكثر من سائر الأسباب والمقتضيات الأخر. ولكن ربّما يتزوج الإنسان ولا يرى له الأثر في رزقه فذلك أن المشيئة لا تقتضيه إذ ليس الغناء له بصلاح بل صلاحه في استعفافه واجتهاده في إطفاء ثائرة شهوته كما أشار بقوله :
٣٣ ـ (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً ...) أي لا بدّ من الجهد في تحصيل العفة وقمع الشهوة (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) لأسبابه المؤدّية له ، من المهر والنفقة (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي من إحسانه وكرمه ، فإنّ الأمور مرتهنة بأوقاتها ، وربما يتوهّم أن بين الآية الأولى وهذه تناقضا حيث إنه أمر فيها بالنكاح وفي هذه أمر بالتقاعد عنه والصّبر ، وأجابوا بمحامل لا تخلو كلها من الخدش ، والأولى حمل السّابقة على عموم النهي عن تركه مخافة الفقر اللّاحق كما دلّ عليه حديث مخافة العيلة الذي أشرنا إليه لا بعنوان الحديث بل في طيّ قولنا ، وحمل الأخيرة على الأمر بالاستعفاف في خصوص الفقر الحاضر المانع عن الزواج كما هو الظاهر من قوله تعالى (لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي لا يجدون أسبابه بالفعل ولا يستطيعون الزواج لفقرهم العاجل ، والسابقة تنظر الى الآجل