(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) أي يطلبون المكاتبة ، وهو قول السّيد لعبده كاتبتك على كذا من المال تؤدّيه دفعتين أو ثلاثا ، فإذا أدّيت ذلك المعلوم فأنت حر ، ويقول العبد : قبلت والمراد بالموصول هو العبد الطالب من مولاه المكاتبة (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي من مماليككم عبدا كان أو أمة (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي مالا أو عملا يكتسب به أو حرفة ، وقيل دينا ومالا كما عن الصّادق عليهالسلام. وقيل صلاحا أو أمانة وقدرة على أداء مال الكتابة (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) أمر للسّادة بإعطائهم شيئا من أموالهم ومثله حطّ شيء ممّا التزموا به حتى يتحرّروا سريعا (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) أي إمائكم ، البغاء هو الزّنى (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) تعفّفا إذ لا يتصوّر الإكراه إلّا عند إرادة التحصّن ، فلذا شرط الإكراه به ، فإن الإكراه عند عدم التحصّن محال ، لأنه من تحصيل الحاصل كما لا يخفى. فهذه فائدة الاشتراط فلا يلزم من عدم المفهوم في المقام لغوية القيد (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) علة للاكراه ، وفي القمي : كانت العرب وقريش يشترون الإماء والجواري ويضعون عليهم الضرائب الثقيلة ويقولون اذهبوا وازنوا واكتسبوا ، فنهاهم الله عن ذلك (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) للمكرهات لا للمكرهين لان الوزر عليهم وفي القمي : لا يؤاخذهن الله بذلك إذا أكرهن عليه. أقول : ويؤيّد هذا التفسير
قول النبيّ (ص): رفع عن أمّتي تسعة ، وعدّ منها الاستكراه على الشيء.
٣٤ ـ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ ...) أي ظاهرات في الأحكام والحدود في هذه السّورة (وَمَثَلاً) قصّة وخبرا من أخبار من كان قبلكم ، لتعتبروا بها (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) أي منعا وزجرا وبشارة ، والتخصيص لأنهم المعتبرون بها. والحاصل أنهم هم أهل الوعظ والنصح.
* * *