الكافي عن الباقر عليهالسلام (بقرينة رواية قبل هذه) أن قتادة قال له : والله لقد جلست بين يدي فقهاء وقدّامهم فما اضطرب قلبي قدّام واحد منهم ما اضطرب قدّامك. فقال له : أتدري أين أنت؟ بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ، الآية ، فأنت ثمّة ونحن أولئك. فقال له قتادة : صدقت والله ، جعلني الله فداك ، والله ما هي بيوت حجارة ولا طين ل (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها) يحتمل أن يكون قوله ليسبّح بيانا لما في قوله من (يُذْكَرَ) وقال ابن عباس : كلّ تسبيح في القرآن صلاة ، فعلى هذا معناه : يصلّي له فيها (بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) غدوّ مصدر ، وإطلاقه على أوقات الصّبح شائع في الكلمات ولذا قرنه بالآصال : جمع أصيل مستحسن ، مضافا إلى أنه استعمل جمع غداة ، فالاقتران أحسن والجمع بينهما على القاعدة معناه أنه يصلّى له أو يذكر فيها بالغدايا والعشايا ، أي أوائل طلوع الشمس وأواخر النهار ، أو أعم : من أوائل الطلوع وبين الفجر والطلوع وأواخر اليوم إلى العتمة.
٣٧ ـ (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ...) أي يسبح له فيها رجال لا تشغلهم (تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ) لا شراء ولا بيع (عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ) أي إقامة الصّلاة. وجيء بالتاء عوضا عن الواو لأن أصله (إقوام) فحذف الواو وعوّض عنه بالتاء. وهنا حذف لإقامة المضاف إليه مقامه. وقيل إن كان المراد بالبيع مطلق المعاوضة فذكره بعد التجارة من باب ذكر العام بعد الخاص للمبالغة ، وإن كان المراد به معناه الحقيقي فإفراده بالذكر لكونه أهمّ القسمين من التجارة لأن الربح يتحقق بالبيع ، وبالشراء يتوقع ويترقب. ولا يخفى أن الله تعالى في توصيف الرجال وعدّ قدرة شيء من الأشياء أن يمنعهم عن ذكر الله اختصّ التجارة والبيع بالذكر. ولعل وجهه انهما أعظم الأشغال الدّنيويّة ، فإذا كانا لا يمنعانهم عن الذكر فباقي الأشغال أولى. وقال صاحب كشف الأسرار : إن ظاهر هؤلاء الرجال مع الخلق ، ولكن باطنهم في شهود الحق وصفاته وقوله تعالى (لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) الآية إشارة