في قدرة الله جلّت قدرته (بِغَيْرِ عِلْمٍ) دون معرفة بقدرته ، وعن جهل بعظمته (وَلا هُدىً) ولا طريق هدى يسلكه في مناقشته إذ يهرف بما لا يعرف ولم يتلّق ذلك عن دليل (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) أي : ذي نور يهتدى به : أي ليس لديه حجة سمعيّة جاءته من ناحية الوحي ، كما أنه لا دلالة عقليّة مع ذلك المجادل بدون علم عمّا يجادل فيه (ثانِيَ عِطْفِهِ) لاويا عنقه معرضا عن الحقّ متكبّرا معجبا بنفسه وبلقلقة لسانه (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ليصرف الناس عن طريق الحق التي سنّها الله تعالى لعباده. فهذا الجاهل (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) من حقّه أن يكون في الدنيا مبعدا منبوذا ملعونا (وَنُذِيقُهُ) نجعله يستطعم (يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) حين يتلظّى في سقر ويذوق لفح النار في جهنم.
١٠ ـ (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ ...) أي نقول له : بوءت بذلك الخزي والعذاب بما كسبت يداك أيها الكافر بنا. والكلام على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ليكون التهديد أوقع وليكون التخويف أزيد (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) يجزي العبيد على قدر استحقاقهم وبحسب أعمالهم دون زيادة أو نقصان. وإيراد صيغة المبالغة « ظلام » لعلها باعتبار كثرة العبيد فإذا نسب إليهم يعدّ بعددهم ، وقيل باعتبار صفات الحق تعالى على أبلغ الكمال ، فبالالتزام كان مطلق الظلم منتفيا عنه سبحانه وتعالى.
* * *
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ