يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤) وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥) لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦))
٤١ ـ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ...) أي ينزّهه عمّا لا يليق به أهل السّماوات من الرّوحانييّن وأهل الأرض من الإنس والجن بألسنتهم من الحال والمقال. و (مَنْ) لتغليب العقلاء (وَالطَّيْرُ) عطف على (مَنْ) والتخصيص لما فيها من الحجّة الواضحة على وجود الصّانع وكمال قدرته ، ولذا قيّدها بقوله : (صَافَّاتٍ) أي باسطات أجنحتهنّ وواقفات في الجوّ. وحيث إنّ الأجرام السّفلية بطبعها ميّالة إلى المركز ، فوقوفهنّ في الهواء وإلهامهنّ البسط والقبض عند كونهنّ مصطفّات الأجنحة في الجوّ برهان قاطع وحجّة ساطعة على كمال قدرة الصّانع ولطف تدبيره الجامع. فالطّيور تسبّح بلسان الحال وبنفس وجودها بهذه الكيفية والحالة أو المراد أنها تنطق بألسنتها بالتسبيح ؛ ولا مانع من الجمع ، كما أن من العقلاء من يسبّح بلسانه كالمؤمن ، وبدلالة وجوده وأحواله كالكافر (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) والظاهر من الكريمة أن الضمير في (عَلِمَ) لكلّ ، ومعناه أن جميع ذلك من المسبّحين ، وقد علموا صلوات أنفسهم وتسبيحهم ، وهم يؤدّونها في وقتها ، أو هو راجع إلى الله ، وهو تعالى قد علم صلاته ودعاءه إلى توحيده وتسبيحه. وقيل أنّ الصلاة للإنسان والتسبيح لكلّ شيء.
٤٢ ـ (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) أي على الحقيقة لا يشاركه فيه أحد (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) أي المرجع.