والهواء والنور ومنه خلق الملائكة ، والتراب ومنه خلق آدم وباقي الحيوانات. فأصل كل موجود هو الماء والكريمة لعلّها دالة على هذا بوسيلة أداة التعريف والله أعلم. والحاصل انّه لمّا استدلّ على التوحيد المستلزم لوجوده من الآثار العلويّة ، استدلّ في الكريمة بأنه خلق كلّ دابّة من ماء (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي) الآية من آثار العالم السفلي من الحيوانات وغيرها على وجود الصّانع وتوحيده وحكمته وقدرته التامة على ما فصّلها من قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) الى قوله : (يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ). وعن الباقرين عليهماالسلام : ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك وتذكير الضمير ولفظ (مِنْ) فيما ذكر لتغليب العقلاء كما لا يخفى (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) من حيوان وغيره على اختلاف الصّور والطبائع بمقتضى حكمته ومشيئته.
٤٦ ـ (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ ...) أي الآيات القرآنية التي هي مبيّنات لحقائق الأشياء بأنواع الدّلائل (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بالتوفيق للنّظر فيها والتدبّر لمعانيها (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) للطّريق الموصل إلى الجنّة ، وهو الإيمان المؤدّي إلى درك الحق والحقيقة.
* * *
(وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ