بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
٤٧ ـ (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ ...) روي أن منافقا ويهوديّا وقع بينهما تنازع في أرض ، فقال اليهودي : نذهب للحكومة عند نبيّكم محمد (ص) وجرّه المنافق الى كعب بن الأشرف ، وكان يقول إن محمدا يحيف علينا فنزل قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) بالامتناع عن قبول حكمه والاعراض عنه (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) بعد قولهم آمنّا بالله وبالرسول (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) وفي هذه الآية دلالة على أن القول المجرّد لا يكون إيمانا إذ لو كان لما صح النفي بعد الإثبات لأن هؤلاء القائلين يدّعون الإيمان وليسوا بمؤمنين في واقع الحال.
٤٨ ـ (إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ...) أي إذا انتدبوا وسئلوا العودة لحكم الله وحكم رسوله (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) في شؤونهم الدّنيوية أو الأخروية ـ كقصة اليهودي وخصمه ـ (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) تجد أن بعضهم يمتنعون عن الإجابة ويميلون عن حكم الله وحكم رسوله (ص).
٤٩ ـ (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ...) أي إلى النبيّ (ص) منقادين خاضعين له لعلمهم بأنه (ص) يحكم لهم لا عليهم لأنّ الحقّ لهم.
٥٠ ـ (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ...) أي شك في نبوّتك أو نفاق ، وهذا استفهام يراد به التقرير لأنه أشدّ في مقام الذمّ والتوبيخ يعني : هذا أمر قد ظهر حتى لا يحتاج فيه إلى التنبيه (أَمِ ارْتابُوا) أم رأوا منه ما أوقعهم في اضطراب وقلق فلم يبق فيهم اعتماد ووثوق بقوله صلىاللهعليهوآله وفعله (أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) أي يخافون أن يجور الله عليهم والرّسول يظلمهم في الحكم لأنّه لا وجه في الامتناع عن المجيء إلّا أحد هذه الأوجه الثلاثة : (بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) هذا إضراب من القسمين الأخيرين لتحقّق القسم الأول وثبوته فيهم يعني الكفر ، والمعنيّ بالإضراب