الاستئذان (طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) ظاهر هذه الجملة أن المماليك يطوفون على الموالي ، ولكن ، قوله سبحانه (بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ) يدل على أنّ الفريقين كل واحد يحتاج إلى الآخر ويطوف الموالي أيضا على العبيد لا المماليك يطوفون عليهم فقط ، فإن الخادم إذا غاب عن المخدوم وكان المخدوم محتاجا إلى خادمه فلا بدّ من أن يطلبه ويطوف عليه ، فلا يستغني كل واحد عن الآخر. وهذه الجملة استئناف لبيان العذر المرخّص في ترك الاستئذان وهو المخالطة وكثرة المداخلة على ما يستفاد من طوافون بعض على بعض ، هؤلاء للخدمة وهؤلاء للاستخدام. فلو كلّفوا بالاستئذان في تمام الأوقات لكان حرجا على المماليك بل على الموالي.
٥٩ ـ (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ ...) أي أطفالكم أيّها الأحرار ، فإنّ بلوغ الأحرار يوجب رفع الحكم المذكور في تخصيص الاستئذان بالأوقات الثلاثة بخلاف بلوغ المماليك فإنّ الحكم معه باق في التخصيص للاحتياج إلى الخدمة والاستخدام (كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي الذين بلغوا قبلهم من الأحرار (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أي نحو هذا التبيين والتوضيح الذي سبق ، يبيّن ويوضح الله لكم دلائل الحق ، وآياته : أحكام شرعه ووعده ووعيده على الإتيان بها أو الإعراض عنها (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي عالم بمصالح عباده وكل ما يفعله ويصنعه يكون على وجه الحكمة. وكرّر هذه الجملة للمبالغة والتأكيد في أمر الاستئذان في الأوقات الثلاثة بالنسبة إلى المماليك وأطفال الأحرار الذين لم يبلغوا الحلم لكنهم مميّزين. وأما الأحرار وأطفالهم الذين بلغوا الحلم فليس لاستئذانهم وقت خاص بل مطلقا.
٦٠ ـ (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ...) أي المسنّات (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لا يرغبن في الأزواج والتناسل وغيرهما من حظوظ الجنسيّة ولا يطمعن فيها لكبرهنّ (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ) أي بأس أو ذنب (أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ) ولعلّ المراد بعض ثيابهن كالخمار أو الجلباب الذي يكون فوقه أو هما معا. وفي المجمع عن الصّادقين يضعن من ثيابهن. والإتيان بمن للإشارة الى انه