مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣))
١١ ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ...) أي أن بعض الناس يعبدون الله عبادة من يقف على حرف جبل أو شرفة يكاد يقع عنها لأقلّ دفع ، وقد يتركها لأول أزمة يقع فيها ، وقيل يعبده بلسانه دون قلبه ، وقد قيل : الدّين حرفان : الأول اللسان ، والثاني القلب ، فعبادته تعالى على حرف يعني على غير ثبات ولا يقين ، بل على شكّ واضطراب في الدين ، حال فاعلها كحال القائم على حرف الجبل يكاد يقع ، ونقل أن يهوديّا أسلم وبعد مدة قليلة ابتلي بوجع العين بحيث صار نظره ضعيفا جدّا ، فجاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا محمد أقلني عن الإسلام فإني تشأمت به إذ من أول يوم أسلمت فيه صرت مبتلى بالأمراض والحوادث ، فنزلت هذه الآية الكريمة. فبين الناس من يعبد الله عبادة على شفا جرف هار (فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) أي إذا أصابه عافية أو مال أو رزق استقرّ وثبت على الإسلام وعلى عبادة الله (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) لحق به اختبار وامتحان بمرض أو خسارة أو جدب أو نقصان مال أو عسر (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) رجع عن دينه إلى وجهه الذي أتى منه ، أي الكفر ، و (خَسِرَ الدُّنْيا) بارتداده ولم يعد له ما للمسلمين من النّصر والظّفر والخير (وَ) خسر (الْآخِرَةَ) بحرمانه السعادة وبحبوط عمله (ذلِكَ) الخسران (هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) الواضح العظيم الذي لا خسران أسوأ منه ولا أقبح.
هذه واحدة من نتائج عبادة الله على حرف ، والأخرى قوله تعالى :
١٢ ـ (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ ...) أي يتّخذ معبودا من دون الله كالوثن والصنم الذي لا يضرّه إن شاء ضرره ، كما أنه يسمّي ربّا غيره سبحانه (وَ) يدعو (ما لا يَنْفَعُهُ) إذا طلب منه نفعا لأنه لا يسمع ولا يعقل ولا يقدر على شيء البتة (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) ذلك الحال