لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤))
٦١ ـ (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ...) كان أهل المدينة قبل إسلامهم معتزلين الأعمى والأعرج والمريض ولا يأكلون معهم في مجامعهم ومجتمعاتهم ، وكانوا يعزلون لهم طعامهم على ناحية ويرون في مؤاكلتهم جناحا وهؤلاء الأصناف هم أيضا كانوا لا يأكلون معهم ويقولون : لعلّهم يتأذّون إذا أكلنا معهم. فلمّا قدم النبيّ صلىاللهعليهوآله سألوه عن ذلك فأنزل الله عزوجل : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي جناح ووزر (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) أي بيوت عائلتكم وأهلكم فيدخل فيها بيوت الأولاد كما في الأخبار (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) جمع مفتح وهو ما يفتح به ، أي وكّلتم بحفظه من بستان ونحوه لغيركم أو بيوت مماليككم (أَوْ صَدِيقِكُمْ) هو اسم جنس ويطلق على الواحد والكثير ولعلّ المراد هو الصّديق الحقيقي الذي ربما كان كبريتا أحمر في جميع الأزمنة ولا سيما في عصرنا هذا. روي أنّ الربيع بن خثيم كان له صديق فذهب إلى دار الربيع وهو غير موجود في الدار وكان فيها طعام فأكله وراح ، فجاء الربيع فأخبرته جاريته بذلك فانبسط بحيث قال إن كنت صادقة فأنت حرة. قال بعض أهل الحقيقة لو جاءك صديقك وقال أعطني من مالك وأنت قلت في جوابه كم تريد فلست قابلا للصّداقة لأن السؤال غلط إن كنت صديقا لله ، بل لا بد من أن تحضر جميع ما عندك حتى يأخذ بمقدار كفايته ونعم ما قال.