الأمر فتسأل عنا حتى تعلمه وكيف الحال (ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) فنحن نقر بك واتّخذناك وليّا ومعبودا لأنفسنا ، فكيف ندعوا الغير إلى عبادة من هو دونك ومن ليس أهلا لها كأنفسنا أو ما هو مثلنا أي أنه مخلوق ضعيف لا يقدر على شيء؟ فأنت تعلم بأنا برءاء من ذلك ، و (لكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) أي لما أنعمت عليهم بأنواع النعم تركوا ذكرك أو كتابك والتدبّر فيه وبالنتيجة (كانُوا قَوْماً بُوراً) أي هالكين ، فهم بأنفسهم ضلّوا سبيل الهداية والرّشاد لا بإضلال الغير ويحتمل ان المعبودين من الأملاك والأنبياء والأصنام لو أنطقهم الله لقالوا : سبحانك تعجّبا مما قيل لهم.
١٩ ـ (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ ...) هذا التفات عن خطاب المعبودين إلى عبدتهم للاحتجاج والإلزام ، على حذف القول. والمعنى : فقد كذبكم المعبودون (بِما تَقُولُونَ) من قولكم إنهم آلهة وهؤلاء أضلّونا (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً) أي كيف تقولون هؤلاء آلهتنا مع أنهم عجزة لا يقدرون دفعا للعذاب عن أنفسهم فكيف عن غيرهم (وَلا نَصْراً) أي لا يقدرون على حفظ أنفسهم وإعانتها في دفع الحوادث والعقاب ، فهم أعجز عن دفعه عن غيرهم بطريق الأولى مع أن الإله من هو على كل شيء قدير ، وعبدتم من هو مثلكم أو أدون وأضعف منكم كالأصنام والأوثان بلا حجة ولا برهان ، وهذا يحسب ظلما من الإنسان على نفسه (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) وهو النّار وما أدراك ما النار وما عذابها الشديد؟
* * *
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً (٢٠)