وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (٢١) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (٢٢) وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (٢٣) أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤))
٢٠ ـ (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ...) هذه الشريفة جواب وردّ لقولهم : ما لهذا الرّسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ) ايّها الناس (لِبَعْضٍ فِتْنَةً) أي ابتلاء كابتلاء الشريف بالوضيع والغني بالفقير والرّسل بالمرسل إليهم. وهي في الواقع تسلية للنبيّ (ص) عن ما قالوا (أَتَصْبِرُونَ) أي ليظهر أنكم تصبرون على البلاء أولا ، أو معناه : اصبروا (وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) بمن يصبر وبغيره.
٢١ ـ (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ...) أي الآيسين من الوصول إلى رحمتنا وخيرنا لكفرهم بالبعث ، وأصل اللّقاء هو الوصول (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) أي هلّا أنزلوا فيخبرون بصدق محمد فيكونون رسلا إلينا (أَوْ نَرى رَبَّنا) فيأمرنا باتّباع محمد في الأحكام وتصديقه في دعواه الرسالة (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) عدّوا أنفسهم ذات كبرياء وسيادة حيث توقّعوا نزول الملائكة عليهم أو رؤية الرب زعما منهم أنه تعالى جسم قابل للرؤية ويلاحظ أن ديدنهم التجسيم كما أن قوم موسى كانوا كذلك فقالوا لموسى أرنا الله جهرة. (وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) طغوا طغيانا كبيرا بالغا الغاية ، وتجاوزوا الحدّ في الظلم لأنهم عاينوا المعجزات البيّنة القاهرة فأعرضوا عنها واقترحوا لأنفسهم الدنيئة ما سدّت دونه مطامح النفوس القدسيّة.