٢٢ ـ (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ ...) أي عند الموت أو في القيامة. ونصب : يوم بأذكر مضمرا (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ) أي لا خبر مفرح في ذلك اليوم (لِلْمُجْرِمِينَ) للذين ارتكبوا الآثام (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) أي يقول المجرمون عند لقاء الملائكة هذه الكلمة استعاذة منهم كما كانوا يقولونها في الدّنيا عند لقاء عدوّ ونحوه ممّا كانوا يخافونه. فهذه الكلمة كانت عوذة لهم من المكاره بزعمهم. قال ابن جريح كانت الأشهر الحرم عند أهل الجاهلية محترمة لا يقاتلون فيها ولو يقابلون اتفاقا مع جيش يريد فيها مقاتلتهم وكانوا يقولون خوفا من القتل : حجرا محجورا يعنون بقولهم هذا أنه حرام عليكم هتك حرمتنا في هذه الأشهر واصبروا حتى تمضي فنقاتل معكم. فكان هذا الكلام أمنا لهم من شرّ أعدائهم. وكأنّهم لمّا جاء يوم القيامة ورأوا ملائكة العذاب يتوسلون بهذه الكلمة زعما منهم أنها تفيدهم كما كانت تنجيهم في الدّنيا من الشدائد عند لقاء عدوّ أو هجوم مكروه.
٢٣ ـ (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا ...) أي عمدنا وقصدنا إلى أعمال الكفار في الدنيا ممّا رجوا به النفع وطلبوا به الثواب مثل صلة أرحامهم وصدقاتهم وأمثال ذلك (فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) والهباء هو الغبار يدخل الكوّة من شعاع الشمس أو ما تسفيه الرياح وتذره من ناعم التراب. والحاصل تذهب أعمالهم باطلا ولا ينتفعون بها من حيث عملوها لغير الله. وقيل معناه أن أعمال الكفار وحسناتهم لا نقيم لها وزنا يوم القيامة. وفي البصائر عن الصّادق عليهالسلام أنه سئل : أعمال من هذه؟ فقال : أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا. ومنثورا : أي متفرّقا.
٢٤ ـ (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا ...) أي مكانا يستقر فيه (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) موضع الاستراحة في الظّهيرة ، أو النوم فيها ويسمّى بنوم القيلولة. وقيل : هذا نحو من التجوّز قد أورده على التشبيه إذ لا نوم في الجنّة ، اللهم إلّا ما كان من أن أهل الجنّة يتنعّمون في ظلالها الوارفة. وفي الكافي ، في حديث سؤال القبر ، روي أن أمير المؤمنينعليهالسلام