مضافا إلى أن كلّ نجم ينزل كان صلوات الله عليه يتحدّى به فيظهر إعجازه ويتجدّد عجزهم ، ومضافا إلى أنّ نزول جبرائيل في مختلف أوقاته كان باعثا لسرور قلبه الشريف وتسلية لنفسه المقدّسة وغير ذلك من الأمور الموجبة لإنزاله نجما بعد نجم ، والتي خفيت علينا كما اختفى كثير من أسراره (وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) أي نزّلناه شيئا بعد شيء في نحو عشرين سنة ، أو أمرنا بترتيله أي تبيينه والتأنّي في قراءته. وروي أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : يا ابن عباس إذا قرأت القرآن فرتّله ترتيلا. قال : وما الترتيل؟ قال : بيّنه تبيينا ولا تنثره نثر الرّمل. قفوا عند عجائبه وحرّكوا به القلوب ولا يكوننّ همّ أحدكم آخر السّورة.
٣٣ ـ (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ...) أي لا يأتيك المشركون بمثل يضربونه لك وباعتراض في نبوّتك (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِ) فأبطلناه بما هو الحق وهو القرآن (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) أحسن بيانا وكشفا ممّا أتوابه من المثل.
٣٤ ـ (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ ...) أي يسحبون على وجوههم إلى النار وهم كفار مكة. وفي المجمع عن النبيّ أنه سئل كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال صلىاللهعليهوآله : إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة. وحاصل الحديث أنهم في الآخرة يمشون مقلوبين ، وجوههم إلى القرار وأرجلهم إلى الفوق ، ثم ذكر سبحانه حديث الأنبياء تسلية للرّسول وتبصرة لأمّته فقال :
* * *
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ