آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩))
٣٥ و ٣٦ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ...) لما قال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) أتبعه بذكر جماعة من الأنبياء ، وعرّف نبيّه محمدا بما نزل عليهم من أممهم من تكذيبهم إيّاهم ، إشارة إلى أنّه لست يا محمد بأوّل من أرسلت فكذّبت ، وآتيناك الآيات فرددت ، فإن موسى قد آتيناه التوراة وقوّينا عضده بأخيه ، ومع ذلك فقد ردّه قومه وكذّبوه وجحدوا نبوّته فنصرناه وأهلكنا عدوّه فرعون (فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) التدمير هو الإهلاك بأمر عجيب كإهلاك فرعون.
٣٧ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ ...) أي أذكر يا محمد قصة قوم نوح حين كذّبوا الرّسل أي نوحا ومن قبله كشيث وإدريس ، أو المراد أنهم كذبوا نوحا إلّا أن تكذيب نبيّ واحد من الأنبياء كتكذيبهم جميعا لأنه مستلزم لتكذيبهم (أَغْرَقْناهُمْ) بالطوفان وجعلنا إهلاكهم (آيَةً) أي عبرة وعظة للناس (وَأَعْتَدْنا) هيّأنا لهم سوى ما حلّ بهم في الدّنيا (عَذاباً أَلِيماً) في الآخرة.
٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ ...) عطف على الضمير المنفصل الذي هو مفعول الأول لجعلنا. أو على محلّ للظالمين فإنّه منصوب المحل بأعتدنا بناء على كونه بمعنى وعدناهم ، أو نصبه بفعل مقدّر بقرينة المقام أو بقرينة ذيل الآية (تَبَّرْنا تَتْبِيراً) وهو أهلكنا (وَأَصْحابَ الرَّسِ) فيه أقوال ، قيل هو بئر غير مطويّة أي غير مبنيّة كانت لعبدة الأصنام فبعث إليهم شعيب فكذّبوه فانهارت بهم لأنّهم كانوا حولها وقت نزول العذاب ولذا تسموا باسمها أو قرية باليمامة كانت فيها بقية ثمود فقتلوا نبيّهم