بساتين الجنة لعلّها مشتملة على قصور وغرف يجري الماء تحتها ، أو المراد به هو الأسفلية فإن المياه جريانها نوعا يكون في الجداول والأنهار والصّغار وهما أسفل من سطح البستان ، وسطح البستان فوقهما. فيصدق أن المياه الجارية هي تحت البساتين بهذا الاعتبار فإن من على أعلى الجدار يصدّق أنه فوق من في أسفله وهو تحت من في أعلاه (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) يصنع ما يشاء.
١٥ ـ (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ ...) الظن في كتاب الله على وجهين ظنّ يقين وظنّ شكّ ، وهذا ظنّ شك. قال من شكّ أن الله عزوجل لم ينصر رسوله في الدنيا والآخرة ، بإعلاء كلمته وإظهار دينه في الدنيا وإعلاء درجته والانتقام ممّن كذّبه في الآخرة (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) أي فليجذب نفسه ويصعدها بوسيلة من الوسائل إلى السّماء (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) المسافة إليها فيجهد في دفع نصره إذا أراد الله نصره (فَلْيَنْظُرْ) أي فليتفكر (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) أي صنعه وحيلته ، ذلك غيظه. والاستفهام إنكاريّ يعني لا يتهيّأ له الوسيلة فلا يذهب صنعه ذلك ، بغيظه لأن ذلك كان ممتنعا فكان غيظه عديم الفائدة.
١٦ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ ...) أي كما أنزلنا تلك الآيات المذكورة أنزلنا القرآن بتمامه (آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات في الأحكام والمواعظ والأخبار حتى تتمّ الحجة على الناس (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) يوفّق للهدى من يشاء.
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي