هي سدوم قرية قوم لوط ، أمطر الله عليهم حجارة من سجّيل (أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) في مرورهم فيتّعظوا بما يرون فيها من آثار قدرة الله وكيف عذبهم في دار الدنيا حتى يعتبر غيرهم (بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً) أي أنهم لا يتوقعون بعثا ولا يترقّبون حسابا وعقابا فلذلك لم ينظروا إلى تلك الآثار بعين الاعتبار ولم يتّعظوا بها أبدا فكانوا يمرّون عليها كما تمر دوابهم ومواشيهم صمّا بكما عميا.
٤١ ـ (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ ...) أي ما يتخذونك (إِلَّا هُزُواً) مهزوءا به قائلين : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) الاستفهام إنكاريّ وكانوا يقولون هذا استحقارا وتهكّما.
٤٢ ـ (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا ...) أي أنّه أراد أن يصرفنا عن عبادة آلهتنا بفرط اجتهاده في الدّعوة إلى التوحيد وبذل جهده في إيراد ما يسبق إلى الذهن أنها حجج وبراهين (لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها) لولا ثبوتنا عليها وتمسكنا بعبادتها لأزالنا عن ذلك ، وحذف الجواب لدلالة الكلام عليه : (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) والآية فيها وعيد ودلالة على أنّه تعالى لا يهملهم وإن أمهلهم وأخّر عذابهم وقوله سبحانه (مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) أي أخطأ طريقا أهم أم أنت ، وهذا على سبيل المماشاة مع الخصم.
٤٣ ـ (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ...) أي أخبرنا عن الذي فعل ذلك وأطاع هواه في دينه. وقدّم المفعول الثاني عناية به (أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) فلست وكيلا عليه فدعه وشأنه ولا يضرّك ضلاله.
٤٤ ـ (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ...) اي سماع تفهّم (أَوْ يَعْقِلُونَ) يتدبّرون ما تأتي به من الحجج ، وخصّ الأكثر إذ فيهم من يعقل ويعرف الحق من الباطل إلّا أنه جاحد ومكابر خوفا على الرّئاسة (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ) ما هم إلّا مثل البهائم في عدم تفهّم وتدبّر حججك (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) لأن بعضها تعرف المحسن إليها من المسيء وتطلب المنافع وتتجنّب المضارّ بخلاف هؤلاء فإنهم لا يعرفون