من صفاته الذاتيّة لا العرضيّة كما زعم البعض. ومن أوصاف الماء قال تعالى :
٤٩ ـ (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً ...) هو محيي البلاد به بالنباتات والنّعم الأخرى. وتذكير (مَيْتاً) بتأويل البلدة بالبلد للتّعميم (وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) جمع إنسيّ أو إنسان ، وأصله أناسين قلبت النّون ياء. أي ولنسقي من ذلك الماء أنعاما جمّة وأناسا كثيرين.
٥٠ ـ (وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ ...) أي فرّقنا المطر بين الناس في البلدان المختلفة والأوقات المختلفة المتفاوتة بصفات مختلفة من وابل وطلّ وغيرهما على حسب المصالح والحكم ، فلا يدوم في مكان فيفسده ، ولا ينقطع بالكليّة عن مكان فيهلكه ، لكنّه يزيد لقوم وينقص لآخرين على ما تقتضيه المصلحة كما قلنا. أو صرّفنا ما ذكر من الدّلائل في القرآن وسائر الكتب (لِيَذَّكَّرُوا) ليتفكّروا كمال القدرة وسعتها وحق النعمة فيعرفوا ربّهم وتوحيده فيعبدوه عن معرفة ويشكروا مزيد شكر لنعمائه (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) امتنعوا ولم يقبلوا ، جحودا للنعمة وقالوا : أمطرنا بنوء العقرب وبنوء السّرطان أو الحوت ، وهكذا ينسبون المطر ونزوله إلى الأنواء على عقيدتهم الخبيثة لا إلى الله. وفي الحديث : ثلاث من أمر الجاهلية ، وعدّ منها الأنواء.
٥١ ـ (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً ...) أي نبيّا يخوّف أهلها فيخفف عليك أعباء الرّسالة ، لكن خصصناك بعموم الدّعوة إجلالا لك وتفضيلا لك على سائر الرّسل وتعظيما لشأنك ، فكن ثابتا في الدّعوة وإظهار الحق ، واجتهد فيهما. والحاصل أننا لو شئنا لقسّمنا بينهم النّذر كما قسّمنا بينهم الأمطار ولكن نفعل ما هو الأصلح بحالهم وبأمرك في الدّعوة فبعثناك إليهم كافّة.
٥٢ ـ (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ ...) فيما يدعونك اليه ويريدونه منك من المداهنة بل خالفهم. وهذا تهييج له صلىاللهعليهوآله إلى ما بعث من