أجله (وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً) حيث يجتهدون في إبطال دين الله وشريعتك فلا بدّ لك من الاجتهاد في مخالفتهم وإزاحة باطلهم بالقرآن ، فإن مجاهدة المتكلّمين في حلّ شبه المبطلين والجاحدين الذين هم أعداء الدّين بالحجج والبراهين أكبر من جهادهم بالسّيف ، لأنه يفحم ويقمع الحاضرين ومن يحذو حذوهم إلى يوم الدين ، بخلاف جهادهم بالسّيف الذي يفيد ويفتك بالحاضرين إذا أفاد. والحاصل أن الحجج باقية والسّيف لا يدوم ، والباقي أحسن من الفاني ولذا عبّر عن المجاهدة بالقرآن بالجهاد الكبير. ويمكن أن يكون قوله صلىاللهعليهوآله : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، أو بقي علينا الجهاد الأكبر ، إشارة إلى هذا. وهذا بناء على عود الضمير في (بِهِ) إلى القرآن ، ويحتمل رجوعه إلى عدم إطاعتهم المستفادة من صدر الشريفة (فَلا تُطِعِ) الآية وهو الظاهر أو الأظهر
* * *
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (٥٥))
٥٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ...) هذا هو النوع الرابع من الدلائل الدالة على القدرة والتوحيد : مرج البحرين : أي خلّاهما وأرسلهما في مجاريهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان ، من مرج دابّته إذا خلّاها وأطلقها (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) أي في غاية العذوبة والهناءة (وَهذا مِلْحٌ