أنه من أسمائه تعالى ، أو عرفوه وتجاهلوا جحدا (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) أي للذي تأمرنا بالسّجود له ، ولو لم نعرفه ولم نعتقد به ، أول أمرك لنا فقط. والظّاهر أنّ هذا الاستفهام إنكاري أو في مقام الاستهزاء ، ولا سيما على الاحتمال الأخير الذي فسّرناه به (وَزادَهُمْ نُفُوراً) أي الأمر بالسجود للرحمان زاد الكفرة تباعدا عن الإيمان وهروبا من التكليف.
٦١ ـ (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ ...) أي كثير الخير والبركة ذاك الذي جعل بقدرته الكاملة (فِي السَّماءِ بُرُوجاً) أي الاثني عشر المعروفة وهي : الحمل ، والثور ، إلى آخرها. والبروج هي القصور الرفيعة العالية وتسميتها بالبروج لأنّها بالإضافة إلى الكواكب السيّارة بمنزلة المنازل لها. والسيارات هي : زحل ، والمرّيخ ، والمشتري ، والزهرة ، وعطارد ، والشمس ، والقمر. وإن الحمل والعقرب منزلان للمريخ ، والثور والميزان منزلان للزهرة ، والجوزاء والسنبلة بيتان لعطارد ، والقوس والحوت منزلان للمشتري ، والجديّ والدلو منزلان لزحل ، والسرطان منزل للقمر ، والأسد منزل للشمس ، والبرج مشتق من التبرّج وهو الظهور ، لظهورها لأهل الأرض بأسبابها كالمراصد ونحوها ، ولذا قيل : البروج هي الكواكب الكبيرة (وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) أي الشمس لقوله : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً)(وَقَمَراً مُنِيراً) مضيئا بالليل ، وذكر القمر بعد (سِراجاً) أيضا قرينة على أن المراد به هو الشمس.
٦٢ ـ (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ...) أي يخلف أحدهما الآخر بأن يقوم مقامه (لِمَنْ أَرادَ) أن يتفكر ويستدلّ بذلك على أنّ لهما مدبّرا ومصرّفا (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) أي أن يشكر نعمة ربّه عليه فيهما.
* * *
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ