قائلا : (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) تبعة ذنب ، وهو القود. والمراد من الذنب قتل القبطي ، وتسميته بالذنب على زعمهم (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) أي يقتلوني قبل أداء الرسالة. فقال الله تعالى :
* * *
(قالَ كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ (١٧))
١٥ ـ (قالَ كَلَّا فَاذْهَبا ...) أي لا يكون كذلك ، ولن يقتلوك (فَاذْهَبا بِآياتِنا) العصا واليد البيضاء ، ولعل الجمع باعتبار تعدّد موارد استعمالهما لأنّهما في كل مرّة كانا يتشكّلان بصورة خاصة وكيفية جديدة متمايزة من الأخرى بحيث يتجلّيان في النظر كأنهما غير ما قبلهما. فهما بنفسهما كانا معجزة ، وتطوّرهما بأطوار مختلفة كان معجزة أخرى ، أو باعتبار نفس التعدد فقط لأنهما كلّما ظهرا كانا معجزة بلا شك ولو لم يكن لهما تطور أو مع ضميمة طلاقة لسانه وذهاب خوفه بعد المسألة (إِنَّا مَعَكُمْ) يعني موسى وهارون وخصمهما فرعون ولذلك جاء (مَعَكُمْ) بالجمع (مُسْتَمِعُونَ) أي سامعون ما يجري بينكم. والمستمع هنا بمعنى السّامع لأن الاستماع هو طلب السمع بالإصغاء إلى القول وذلك لا يجوز عليه سبحانه ، وإنّما أتى بهذه اللفظة لأنه أبلغ في الصفة وآكد.
١٦ و ١٧ ـ (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ ...) أي نحن مبعوثون من عند من هو مربّيك وخالقك وخالق جميع العوالم الإمكانيّة ومربّيها وقد كلّفهما أن يقولا ذلك لفرعون حتى تأخذه الرعدة ويتزلزل قلبه لأنه كان قد قضى أربعمائة سنة يدّعي فيها الربوبية ويستعبد بني إسرائيل والقبطيين ، وكان بنو إسرائيل ثلاثمئة ألف نفر ، وما تجرّأ عليه أحد مثل ما