إنذاره بل أكمل فرعون عتابه فقال : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) أي مع أنك فعلت ما فعلت من قتل القبطي وكنّا قادرين على القود فخلّينا سبيلك وما تعرّضنا لك. وهذه الجمل من فرعون لموسى كانت بالحقيقة على سبيل المنّة عليه وتليينا له (ع) وتسكينا له (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بنعمتي عليك. فبعد ما عظّمه وعدّد عليه نعمه وبّخه. والقمّي عن الصادق عليهالسلام ، قال : لمّا بعث الله موسى إلى فرعون أتى بابه فاستأذن عليه فلم يأذن له ، فضرب بعصاه الباب فاصطكّت الأبواب مفتحة ، ثم دخل على فرعون فأخبره أنّي رسول ربّ العالمين وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل ، فقال له فرعون كما حكى الله سبحانه وتعالى.
٢٠ ـ (قالَ فَعَلْتُها إِذاً ...) أي فعلتها حين فعلت (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) قيل أنه عليهالسلام أجاب فرعون على سبيل التورية وأراد الضّلال عن الطريق حين مجيئه من مدين إلى مصر فضلّ عن الطريق ودخل الليل وامرأته قد أصابها الطّلق ووجع الولادة وكانت الليلة مظلمة باردة ممطرة ، فاحتاج إلى النار فرأى نارّا فمشى إليها فلمّا اقترب منها نودي : يا موسى اخلع نعليك ... فظنّ فرعون أنه أراد الجهل والضّلال عن طريق الحق اعتذارا لأن الضلال عن طرق المدن لا يكون عذرا أو لا يصلح للقتل. ويؤيّد هذا التوجيه ما في العيون عن الرّضا عليهالسلام أنه سئل عن ذلك لأن الأنبياء معصومون. فقال عليهالسلام : قال : وأنا من الضّالين عن الطريق بوقوعي في مدينة من مدائنك. وقيل أراد : أنا من المخطئين أي ما تعمّدت قتله وكان قصدي خلاص الإسرائيلي لا قتل القبطي. هذا والأقوال الأخر لا ترجع إلى محصّل.
٢١ ـ (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ ... فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ...) أي نبوّة يتبعها الحكمة ، وهي معرفة التوراة وفهم الأحكام والعلم بالحدود. أو المراد بالحكم هو العلم ، أو التوراة ويلزمه العلم بها وبما فيها. ويحتمل أن تكون جملة (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) بيانا لما قبلها من الحكم.