لا يوجد فيها من يوم إيجادها مع جميع الكائنات تغيير ولا تبديل ، وبنتيجة هذا التنظيم تمّ إصلاح أمور العباد وتنظيمها على ما هو حقه (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) إن كان لكم عقل تدبّر وتفكّر حتى تعلموا ما أقول لكم من الجواب. فلما طال الاحتجاج على فرعون ولم يقدر على ردّ واحد منها هدّد موسى بقوله :
* * *
(قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠) قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (٣٢) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣))
٢٩ ـ (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي ...) أكّد وعيده بقوله (لَئِنِ) وبقوله (لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) فعدل إلى التهديد بعد الانقطاع. وهكذا يكون ديدن المعاند المحجوج ، وهذا يكشف عن غاية العجز. والألف واللّام للعهد يعني أنت تعرف حال الذين في السجون. أجعلك مثلهم. فقد كان يلقي المقصر المستحق للسجن ، بحسب عقيدتهم وقانونهم ، في هوّة عميقة فردا حتى يموت ، ولا يخرج إلّا ميّتا. فهو أبلغ من لأسجنّنك. لمّا توعّده بالسّجن قال موسى (ع) :
٣٠ ـ (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ...) أي ولو أتيتك بشيء يدلّ على صدق دعواي ، يعني المعجزة فإنّها الجامعة بين إثبات المدّعى والدّلالة على وجود الصّانع الحكيم وقدرته الكاملة.
٣١ ـ (قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ...) أي هات ما أدّعيته إن كنت صادقا في دعواك.