تَعْلَمُونَ) وبال أمركم بايمانكم فخوّفهم بهذا القول ثم أوضحه بقوله : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) الآية والمراد بالخلاف : أقطّع من كلّ شقّ طرفا ، أي اليد اليمنى والرجل اليسرى ، أو بالعكس (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) أعلّقكم على الأخشاب بعد قتلكم.
٥٠ ـ (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ ...) أي لا يضرّنا ذلك فافعل بنا ما شئت فإنه ألم ساعة ثم إلى النعيم الدّائم الذي ليس له زوال ولا فناء ، فعذابك لنا ليس ضررا علينا بل هو موجب لمنفعة أبدية وسرور وبهجة سرمديّة (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) راجعون إلى ثوابه بعد الموت ، وهذا تعليل لنفي الضير.
٥١ ـ (إِنَّا نَطْمَعُ ... أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ ...) أي لأن كنّا أوّل المؤمنين وهو تعليل ثان لنفي الضير أو لما قبله أما كونهم أوّل المؤمنين فيحتمل أن يكون المراد ، في زمانهم أو من قوم فرعون ورعاياه. ثم إن فرعون أمر بقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى وبالصّلب فتأثر موسى كثيرا بحيث بكى عليهم ولكنّ الله تعالى أراه منازل قربهم ودرجاتهم في الجنة تسلية له عليهالسلام فمكث موسى بعد هذا مدة بينهم ، وكان يدعوهم إلى ربّه فلم ينفعهم ، بل زاد عنادهم وجحودهم حتى قرب زمان إهلاكهم ، فصدر أمر الله إليه بالخروج من مصر مع من آمن به.
* * *
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٥٢) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨)