عداوتهم له عليهالسلام أنهم صاروا سببا لإضلال أبنائهم الذين كانوا معاصرين له عليهالسلام وكانوا عدوّا له ، (فلما كان منشأ عبادة الأبناء للأصنام هو الآباء كما استدلوا به فهم صاروا منشأ للعداوة الناشئة عن العبادة الباطلة. وعلى التقديرين قوله عليهالسلام (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) استثناء منقطع على احتمال الأول الذي هو الأظهر في النظر ومتصّل على الثاني ، ولعل الوجه في هذا التعبير من دون عكسه بأن يقول : فإنّي عدوّ لهم لأنّه أنفع في النصح وأدعى للقبول. ثم أنّه عليهالسلام أخذ في بيان أوصاف ربّه إتماما للحجّة على خصمائه حيث إن تلك الأوصاف لا توجد إلّا فيه تعالى فمنها (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ) إلى المنافع الدنيوية والأخروية. وهاهنا نكتة وهو أنّ قوله (الَّذِي خَلَقَنِي) ذكره بلفظ الماضي و (يَهْدِينِ) بلفظ المستقبل ، والسبب في ذلك أن خلق الذات لا يتجدّد في الدنيا فحينما توجد تبقى إلى الأجل المعلوم ، وأما هدايتها فهي تتكرر كل حين وأوان سواء كان ذلك هداية الى المنافع الدنيويّة أو الدّينية وعلى ضروب الهدايات في كلّ لحظة ولمحة. ومثل ذلك (يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ) ... إلى أن قال :
٨٠ ـ (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ...) وإنّما غيّر أسلوب كلامه الرفيع ولم ينسب المرض إليه تعالى كما نسب الخلق والهداية والإطعام والسقاية إليه سبحانه ، بل نسبه الى نفسه عليهالسلام لأنه في غالب الأمر انما يحدث المرض بإسراف الإنسان وتفريطه في مطاعمه ومشاربه. أو ان هذا كان لجهة حسن الأدب فإنه في مقام تعداد النعم وليس المرض منها. وأما مسألة الموت فسيجيء الجواب عنها بقوله :
٨١ ـ (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ...) عدّ الموت من النّعم ولذا أضافه إلى الله سبحانه ، لأنه لأهل الكمال وصلة إلى الحياة الباقية ، وسبب إلى نيل العطايا التي تستحقر دونها الحياة الدّنيويّة ، وواسطة للخلاص من أنواع المحن والبلايا ، فهو نعمة وإن كانت مقدمته المرض الذي هو توأم مع الآلام