السّماء فوقف كالمظلّة وأجرى بقدرته الكاملة تحته الأنهار وأوجد فيه هواء باردا فاتّفق أن واحدا منهم طلع من بيته ورأى المظلّة وذهب إليها رجاء لتحصيل البرودة ، فلمّا وصل إليها ورأى المياه الباردة والأهوية الطيّبة شرب منها وتنفسّ ثم ذهب إلى أهله وجاء بهم إلى الظلّة فعلم بذلك أهل البلد فخرجوا جميعا إليها بحيث لم يبق في البلد واحد منهم فلما غشيهم الجبل جميعا وأحاط بهم وقع عليهم بأمر منه تعالى ، فما بقي منهم متنفس الا وقد شمله العذاب أي عذاب اليوم العظيم. وعن قتادة أن الله تعالى بعث شعيبا الى طائفتين ، أهل مدين ، وأصحاب الأيكة ، فأهل مدين أهلكوا بصيحة جبرائيل (ع) وأولئك بعذاب الظلّة.
١٩٢ و ١٩٣ ـ (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ ...) أي القرآن المشتمل على هذه القصص وغيرها مرسل من عند الله ، وتقرير لحقيقة القصص ، وإشعار بإعجاز القرآن (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) أي نزل جبرائيل مصاحبا للقرآن ومتّصفا بكونه أمينا لأنّه أمين الله على وحيه ، وهذا الوصف يكشف عن سموّ مقامه وعلوّ مرتبته عنده تعالى ، وسمّاه روحا لأنه يحيي به الأرواح بما ينزل من البركات ، وقيل لأنه جسم روحاني أو لأنه يحيا به الدين.
١٩٤ ـ (عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ...) يعني لقّنه جبرائيل (ع) الكيفيّة المأمور بها بلا تغيير ولا تبديل وهو صلوات الله عليه وآله قد تلقّن القرآن منه كما نزل من الله تعالى فحفّظه صلوات الله عليه في قلبه الشريف وأثبته فيه كما نزل.
١٩٥ و ١٩٦ ـ (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ...) أي بيّن المعنى وواضحه ، والقول متعلق ب (نَزَلَ) وفي العلل أن الصّادق (ع) قال : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا إلّا بالعربية ، فكان يقع في مسامع الأنبياء بألسنة قومهم وكان يقع في مسامع نبيّنا صلىاللهعليهوآله بالعربيّة ، فإذا كلم قومه به كلّمهم بالعربيّة فيقع في مسامع قومه بلسانهم. وما من أحد كان يخاطب رسول الله صلىاللهعليهوآله بأيّ لسان خاطبه ، إلّا وقع في