(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠))
٢١٤ ـ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ...) أي رهطك الأدنين ، وإنّما خصّهم بالذكر تنبيها على أنه لا يداهنهم لأجل القرابة فيقطع طمع الأجانب عن المداهنة في أمر الدّين. ثم إنّه سبحانه بعد الأمر بالإنذار يأمر نبيّه بحسن المعاشرة والتواضع لأهل الإيمان فقال عزّ اسمه :
٢١٥ ـ (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ ...) للمؤمنين : أي عاشرهم بالملاطفة وحسن السّيرة. وخفض الجناح مستعار من قولهم : خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحطّ وهنا كناية عن لين القول والعريكة وحسن الخلق. وسبب هذا وعلة الأمر بخفض الجناح يبيّنه قوله تعالى : (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) كلمة (مِنَ) للتّبيين ، فإنّ قوله تعالى لمن اتّبعك أعمّ من المتابعة في الدين. قال الصادق عليهالسلام : التواضع مزرعة الخشوع والخشية والحياء وإنهنّ لا يتبين إلّا منها وفيها. ولا يسلم الشرف التامّ الحقيقيّ إلّا للمتواضع في ذات الله عزوجل.
٢١٦ ـ (فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ...) فإذا امتنعوا عن طاعتك فيما أمرتهم به ودعوتهم إليه من التوحيد وعدم الشّرك ـ ويعني بهم كفّار قريش الذين أمره بإنذارهم ـ إذا فعلوا ذلك فتبرأ منهم ومن عملهم.
٢١٧ ـ (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ...) وقرئ فتوكّل وهذه الشريفة في مقام تسلية النبيّ الأكرم (ص) على فرض عصيان الأمة وعدم إطاعتهم لأوامره ونواهيه. ويستفاد منها ، والله أعلم ، أنه سبحانه يقول لنبيّه (ص) :