يحفظها الجنيّ فيقرأها في أذن وليّه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة وإن الشياطين كانوا قبل الإسلام يصعدون إلى السّماء ويستمعون إلى الملأ الأعلى ويحفظون من الملائكة كلمة أو كلمتين ثم ينزلون إلى الأرض ويلقون إلى أوليائهم من الكهنة ، وكان الكهنة يزيدون عليها ما شاؤوا من تخيّلاتهم الفاسدة. لتتميم علمهم الناقص (وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) أي الأفّاكون أكثرهم كاذبون أو أكثر الشياطين ، والظاهر هو الأوّل بقرينة قوله تنزّل على كل أفّاك أثيم ، والأفّاك هو الكذّاب وهو المتنزل عليه أي الكاهن ، والله أعلم بما قال.
* * *
(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧))
٢٢٤ إلى ٢٢٦ ـ (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ...) ثم إنه تعالى لما أبطل زعم المشركين أنّ القرآن من قبيل ما يلقي به الشياطين على كهنتهم ، فأخذ في إبطال قولهم أنّ محمدا شاعر بأن الشعراء هم الذين يتّبعهم الضّالون المضلّون فذمّهم بمصاحيبهم ومتابعيهم ، حيث إن الإنسان يعرف بصحبه وجلسائه فلو كانوا من الشرفاء فهو يكشف عن أنه شريف وإذا كانوا من السفلة والأدنياء فهو كذلك ولعل المراد هو ابن الزبعرى وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهبيرة بن وهب المخزومي ومنافع بن عبد مناف وأمثالهم من الشعراء المشركين وكانوا سبعة وكلهم من قريش وقالوا نحن نقول مثل ما قال محمد فاجتمع إليهم غواة من قومهم يستمعون أشعارهم