اللّغات ومنطق الطير والبهائم والسّباع. وكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسيّة ، وإذا قعد لعمّاله وجنوده وأهل مملكته تكلّم بالروميّة وإذا خلا بنسائه تكلّم بالسريانية والنبطية ، وإذا قام في محرابه لمناجاة ربّه تكلم بالعربية ، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية. وفي المجمع عن الصّادق عن آبائه عليهمالسلام قال : أعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك أهل الدنيا كلّهم من الجن والإنس والشياطين والدوابّ والطير والسباع ، وأعطي علم كل شيء ومنطق كل شيء في زمانه وصنعت في زمنه الصنائع العجيبة وذلك قوله علّمنا منطق الطير. وفي البصائر عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال لابن عباس : إنّ الله علّمنا منطق الطير كما علّم سليمان بن داود عليهالسلام ومنطق كلّ دابة في بر وبحر. وعن الصادق عليهالسلام أن سليمان بن داود قال علّمنا منطق الطير وأوتينا من كلّ شيء وقد والله علّمنا منطق الطير وعلم كلّ شيء ، وعن الباقر سلام الله عليه أنّه وقع عنده زوج ورشان (نوع من الحمام البرّي أكدر اللون فيه بياض فوق ذنبه) وهدلا هديلهما فردّ عليهما كلامهما فمكثا ساعة ثم نهضا فلما طارا عن الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم نهضا. فسئل ما هذا فقال كل شيء خلقه الله من طير أو بهيمة أو شيء فيه روح فهو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم. إن هذا الورشان ظنّ بامرأته ، فحلفت له ما فعلت ، فقالت ترضي بمحمد بن عليّ فرضيا بي ، فأخبرته أنّه لها ظالم فصدّقها. وقد تعرّضنا هنا لذكر الروايات بأكثر مما هو مبنانا في هذا الكتاب من الاختصار تيمّنا بها واستعانة بهم عليهم صلوات الله لأن في ذكر رواياتهم إحياء لذكرهم ونحن مأمورون به.
١٧ ـ (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ ...) أي جمع له (فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبسون ويمنعون من التفرّق حين الحركة والسّير لتحفظ عظمتهم وشوكتهم فإنهما في حفظ النظام والترتيب ، وهذا ممّا يتعلّق بتعظيم الملك وحفظ شؤونه وفيه مصالح لا يعلمها إلّا الله وأنبياؤه (ع).