١٨ ـ (حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى ...) القميّ : قعد على كرسّيه وحملته الريح فمرّت به على وادي النمل ، وهو واد ينبت فيه الذهب والفضّة ، وقد وكّل به النمل. وقال الصّادق على آبائه وعليهالسلام : وقد حماه الله بأضعف خلقه وهو النمل ، لو رامته البخاتي ما قدرت عليه. وادي النمل واد بالشام أو الطّائف كثير النمل ، وهو تعالى أخفاه عن الأنظار لأنه وادي الذهب والفضّة كما أخفى جنّة شدّاد وسدّ الإسكندر المعروف بذي القرنين والجبل الذي هو منام أصحاب الكهف وغيرها من عجائب الدنيا التي اقتضت حكمته الإلهيّة إخفاءها إلى يوم السّاعة .. وحين مرّ موكب سليمان عليهالسلام على وادي النمل هذا قالت نملة لأخواتها (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) قراكم (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) يدهسكم سليمان وجنوده دون أن يحسّوا بوجودكم. وقد حكى عنهم كعقلاء لأن قولهم قول عقلاء.
١٩ ـ (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً ...) أي تجاوز حدّ التبسّم إلى حدّ الضّحك تعجّبا من حذرها وتحذيرها جنده. وكان للنملة القائلة بالتحذير سلطان عليهم على ما نقل وقد أثبت العلم الحديث أن للنّمل ملكة يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها وعن الرّضا عليهالسلام عن أبيه عن آبائه في وجه ضحكه : أن النّملة بعد إحضارها وسؤال سليمان عن وجه التحذير وجواب النملة بما ذكر في الرّواية قالت النملة : هل تدري لم سخّرت لك الريح من جميع الموجودات؟ قال (ع) : ما لي بهذا علم. قالت النملة : يعني عزوجل بذلك أنّه كلما أعطيتك من ملك الدّنيا هو كالرّيح في عدم استقرارها وثباتها تزول وتذهب وتفنى بسرعة فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها. والرواية نقلتها بمعناها تقريبا لأني نقلتها من تفسير فارسي (وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) أي ألهمني وذكّرني شكر نعمتك لأنه يزيد في النعمة. والتعبير بصيغة الاستقبال للدّوام والثبوت ، وهذه الحيثية داخلة في المسؤول ، أي شكرا دائما (الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) أما النعمة التي أعطاها الله تعالى له فهي نعمة النبوّة والملك وهما من أعظم النعم ولا تجتمعان إلّا في