الأوحديّ من البشر ولم تجتمعا إلى الآن إلّا في داود وبعض أولاده سلام الله عليهم فينبغي أن يشكرها. وقد كانتا أيضا في ذي القرنين بناء على كونه نبيّا. وأدرج فيه ذكر والديه أمّا الوالد فلأن النعمتين العظيمتين المذكورتين هما تراث والده فهما سببان لشكر الوالد عليهما لا غيره وأمّا الأم فلما لها عليه من فضل الحمل والتربية والتعب. (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) عطف على أن أشكر (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) هذه الجملة يحتمل أن تكون علة لما قبلها من قوله (وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً) وقد نقل أنه يوما من الأيّام كان سليمان على بساطه والريح تسيّره كيف يشاء وأين يريد فمرّ على دهقان يزرع ، فوقع نظره على بساط سليمان مع تلك العظمة والخدم والحشم فقال : سبحان الله لقد أوتي آل داود ملكا عظيما. فسمع سليمان مقالته بواسطة الرّيح المأمورة بإيصال كلّ صوت إليه ، فأمر الريح بإنزال البساط فأحضر الدهقان وقال (ع) : قد سمعت مقالتك وجئتك حتى أقول لك : لا تطلب ما لا تكون قادرا عليه. وقال بعد ذلك إنّ ثواب تسبيحة يقولها العبد المؤمن عن خلوص واعتقاد ويقبلها الله تعالى أفضل وأحسن ممّا أعطي آل داود لأنّه باق وملك سليمان فان. فقال الدهقان فرّج الله غمّك كما أذهبت غمّي.
* * *
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢١))
٢٠ ـ (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ...) أي طلب الطير الذي لم يكن في مكانه وذلك أن سليمان (ع) كان إذا قعد على عرشه جاءت الطيور فتظلّل الكرسي والبساط بجميع من عليه من الشمس ، فغاب عنه الهدهد يوما فسقط