أخرى من تهديد الحاضرين من ذوي العقول وغيرهم ليعتبروا بقضية الهدهد فلا يقصّرون في مقام أداء الوظيفة. وأما الجواب عن الأسئلة الأخر ، فأولا : هذه الأمور المذكورة ليست بأمور كان صدورها محالا عقلا حتى يكذب ولا يصدّق فيمكن صدق هذه القضايا ووقوعها بمكان من الإمكان. وثانيا هذه الإشكالات من الأوهام القائمة على مباني الملاحدة ، وأما من كان يؤمن بالله ويصدّق بأنه القادر المطلق يفعل ما يشاء ويختار ما يريد وكل أفعاله تصدر عن مصالح يعلمها ولا نعلمها ، فحينئذ يمكن أن يصدر من الهدهد بإعطائه القدرة على ما لا يصدر من الطيّارات السريعة والأقمار السيّارة الجويّة الصناعيّة من السّرعة الشديدة كسرعة النّور وأن يشعر بأمور عقلائيّة لا يتفكّرها ولا يعرفها أمثال فيثاغورث وأفلاطون. ويمكن أن يخفى على سليمان أمور ظاهرة في نفس مملكته فكيف بممالك غيره؟ فتلك الإشكالات عند المعتقدين بإله العالمين القادر الكامل في قدرته موهومات سوفسطائية لا يعتنى بها.
٢١ ـ (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً ...) أي بنتف ريشه وتشميسه أو حبسه مع ضدّه في قفص واحد (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) ليعتبر به أبناء جنسه (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) بحجة تبيّن عذره أو يبين عذره بها. واللام في الموارد الثلاثة لام القسم ، لكنّه في الأخير إما لصيانة السياق أو بتقدير فعل العفو. وفي الكافي عن الكاظم عليهالسلام : وإنما غضب عليه لأنه كان يدله على الماء. قال فهذا الطائر قد أعطي ما لم يعط سليمان. وقد كانت الريح والنّمل والجن والإنس والشياطين المردة له طائعين ، ولم يكن أحد يعرف الماء تحت الهواء وكان هذا الطائر يعرفه ، وإن الله يقول في كتابه : ولو أن قرآنا سيّرت به الجبال أو قطّعت به الأرض أو كلّم به الموتى. وقد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسير به الجبال ويقطع به البلدان ويحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء (الحديث).
* * *