مالك بن ريّان كان ملكا في اليمن وتمام نواحيها (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) سرير أعظم من سريرك. ولعل المراد بعظمته دقة صنعه وكيفيّة ترصيعه بالجواهر ، ويمكن أن تكون عظمته من هذه الجهات ومن ناحية طوله وعرضه وحجمه على ما عن ابن عباس من أنه قال : كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا ، وطوله في الهواء ثلاثون ذراعا. وكان مقدّمه من ذهب مرصّع بالياقوت الأحمر والزّمرّد الأخضر ومؤخره من فضّة مكلل بالجواهر.
٢٤ إلى ٢٦ ـ (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ ...) أي رأيتهم يعبدون الشمس (مِنْ دُونِ اللهِ) ولا يعبدون الله عزوجل (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) خلّى سبحانه بين الشيطان وبينهم لأنهم نسوا ذكر الله فنسيهم : أي تخلّى عنهم فصاروا كأنهم منسيّين وأصبحوا يرون الفعل الذي يوسوس به الشيطان لهم جميلا بنظرهم وحسنا (فَصَدَّهُمْ) منعهم الشيطان (عَنِ السَّبِيلِ) عن طريق الحق والصواب (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) إلى العبادة الحقيقية وإطاعة الله تبارك وتعالى لأن الشيطان أشرب في قلوبهم تقديس الشمس وحبّها وزيّن لهم عبادتها. ويحتمل أن تكون هذه الجملة من كلام الهدهد بإلهام من الله تعالى كما ألهم الطيور والحيوانات بعض الأذكار والتسبيحات ، وكما ألهمها بعض الصنائع التي تحيّر العقول وتفتن الألباب كخلايا النحل وكالأعشاش المختلفة وكخيوط العنكبوت المهندسة النسج وغيرها. فأهل سبأ لا يهتدون (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) ألّا : تحضيضية إذا دخلت على المضارع كانت للحث على الفعل ، نحو : ألّا تؤمن؟ ألّا ترجع عن ضلالتك؟ أي لا بدّ وأن تؤمن وترجع عن الضلال. وهنا فيما نحن فيه : ألّا يسجدوا : أي لا بدّ وأن يسجدوا لله سبحانه ، وهي بمعنى (هلّا) التحضيضية. ويؤيّد ما ذكرناه ما عن ابن مسعود من تبديل الألف بالهاء وقرأ : هلا يسجدوا لله ، فنحن نظنّ قويّا أن الجملة وما بعدها من كلام سليمان عليهالسلام وحينئذ لا