٢٨ ـ (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ...) أي احمل رسالتي هذه وألقها إلى الجماعة الذين دينهم كما ذكرت. وقد أهتمّ سلام الله عليه بأمر الدّين وذكر القوم جميعا ولم يهتمّ بأمر الملكة فقط ولا قال : فألقه إليها (ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ) أي تنحّ عنهم متواريا عن أنظارهم بحيث ترى وتسمع (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) فاستمع مناقشتهم ورأيهم وما يقول بعضهم لبعض. فذهب الهدهد بالكتاب ورماه في حجر الملكة ، فلما قرأته :
٢٩ ـ (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ ...) أي قالت لأشراف قومها الذين يمثّلون الرأي في مملكتها جاءني كتاب كريم جدير بالاحترام والعناية. وكان سليمان (ع) قد ختم الكتاب بخاتمه الشريف فلمّا فضّته أمام سراة قومها وشرفائهم عبّر عنهم سبحانه بالملإ. وفي القمي (الكتاب الكريم) أي المختوم ، وفي الجوامع عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : كرم الكتاب ختمه. وفي الكلام حذف وتقديره : قيل لها ممّن هو وما هو؟ فقالت إنه إلخ ...
٣٠ ـ (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ ...) أي الكتاب من سليمان (وَإِنَّهُ) أي المكتوب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) لكنّهم كانوا متحيّرين أنّ الآتي والجائي بالكتاب من هو؟ ولذا جازوا عن السؤال عن عنوان الجائي به. وعن ابن عباس كلام في تفسير (الكتاب الكريم) يستفاد أنّهم علموا به ، وقال : إنّهم لشرافة صاحب المكتوب من حيث إن رسوله الهدهد وصفوا الكتاب بأنه كريم. والحاصل نحن والآيات المباركات في هذا المقام لا نستفيد منها شيئا وأهل البيت أدرى بما في البيت على فرض صحة الرواية.
٣١ ـ (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ...) قوله ألّا تعلوا في موضع رفع إما على البدليّة من الكتابة وإما على الخبريّة ، أي : هو أن لا تعلوا ، والضمير راجع إلى الكتاب. ولعلّ الأوجه أنّ كلمة « أن » تفسيريّة كما في الكريمة الأخرى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) والحاصل أن المكتوب كلام في غاية الوجازة مع كمال الدّلالة على المقصود لاشتماله على البسملة