سليمان في حياة داود لتعرف إمامته ونبوّته من بعده لتأكيد الحجة على الخلق (مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) أي حاصلا حاضرا بين يديه (قالَ) شكرا (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) أي تمكّني واقتداري على عرش بلقيس في هذا الزمان اليسير من مسيرة شهرين من إحسان ربّي عليّ بلا استحقاق لي (لِيَبْلُوَنِي) ليختبرني (أَأَشْكُرُ) نعمته (أَمْ أَكْفُرُ) أقصّر في أداء واجباته وفي شكر نعمه (فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأنه به يستجلب دوام النعمة ومزيدها (رَبِّي غَنِيٌ) عن شكر الشاكرين (كَرِيمٌ) بالانعام عليهم أي على الكفرة فإن عادته الإحسان إلى المسيئين وسبيله الإبقاء على المعتدين.
٤١ ـ (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها ...) أي غيّروا هيئته اختبارا لعقلها لنرى فيما إذا كانت تعرفه ، فنعرف عقلها وفطنتها وأنها تعرفه بعد التغيير أم لا.
* * *
(فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣) قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٤))
٤٢ ـ (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ؟ ...) أي عرشك مثل هذا العرش. فلما دقّقت النظر إليه (قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) أي لم تقل هو هو لاحتمال أن يكون مثله حيث إنه كان في نظرها بعيدا عادة لبعد الطريق ولأنّها أقامت عليه حرّاسا وحفظة كثيرين بحيث لا يقدر لأحد عادة السّلطة