عليه وأخذه فضلا عن الإتيان به في هذا اليسر من الزّمان. فقولها (كَأَنَّهُ هُوَ) كاشف عن كمال عقلها حيث إنها ما اختارت النفي أو الإثبات في بداية النظر ، بل ألقت كلاما يحتمل الأمرين حتى ينكشف لها واقع الأمر (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها) يمكن أن يكون هذا الكلام من تتمة كلامها فإنها أحسّت أنّ السؤال لاختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت (وَأُوتِينَا) إلخ أي العلم بقدرة الله وكمالها وصحّة نبوّتك قبل إظهار تلك المعجزة والإتيان بعرشنا وإحضاره عندك فالضمير في (قَبْلِها) راجع إلى المعجزة (وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) قبل مجيئنا إليك حين ما رجع إلينا رسلنا من لدنك حيث أظهرت لهم علائم النبوّة بما اختبروك من قبلنا. ويحتمل أن يكون من كلام سليمان ، يعني : (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ) بإسلامها ومجيئها طائعة قبل مجيئها من باب حذف المضاف لقرينة المقام.
٤٣ ـ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ ...) أي منعها الذي تعبده غير الله عن عبادة الله تعالى (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) هذه الجملة في مورد التعليل ، أي نشوئها بين أظهر الكفار وفي بلادهم صار موجبا وسببا لأن تعبد الشمس والانصراف عن عبادة الله تعالى.
٤٤ ـ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ...) أي القصر ، أو كل بناء عال (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً) ماء عظيما. وذلك أنّ سليمان لمّا أقبلت صاحبة سبأ كان قد سبق قدومها أن بنى الناس والشياطين قصره العظيم وكانت أرضه من زجاج ابيض يجري الماء من تحته مع حيوانات مائيّة كالضّفادع والحيتان بحيث يرى كلّ من دخل القصر صحنه ماء متراكبا في جريانه ، ثم أمر أن يوضع عرشه في صدر الدار كأنه على رأس الماء ، وأمر بدخول بلقيس في ذلك القصر ، لأنّه أراد ان يختبر عقلها ويرى تصرّفاتها وقدميها فإن الجن ، على ما قيل ، قالوا إن في عقلها خفة ، وأن قدميها كحافر الحمار أو البعير. فلمّا أدخلت القصر ظنّت أن صحن الدار لجّة (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) لتخوضه فوجدها أحسن الناس ساقا وقدما إلا أنها شعراء ، فأمر