٥٩ ـ (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ ...) أي يا لوط قل الحمد لله على إهلاك الكفرة (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) اختارهم حججا على خلقه. وفي الجوامع عنهم عليهمالسلام وفي القمّي قال : هم آل محمد (ص) وقول كثير من الأعلام وأكابر المفسّرين أن المأمور بالحمد هو سيّد الأنبياء محمّد صلىاللهعليهوآله ، لأن الله تعالى لما أخبره وبيّن له في هذه السّورة قصصا دالة على كمال قدرته وعلى اختصاص أنبيائه ورسله بآيات عظيمة كقصة سليمان وقصّة صالح ولوط وهلاك أعدائهم ونصرة أوليائه والوقوف على هذه الأمور من النّعم العظيمة فلا بدّ من حمدها حيث إن العلم بهذه الأمور يصيّر الإنسان محيطا بعلمها عارفا بها ، مضافا إلى أنّ معرفتها والجواب عنها عند أسئلة الأحبار والأعلام من المعاندين وغيرهم يحسب من المعاجز والكرامات من الشخص الأمّي الذي لا يعرف قراءة كتب الأمم السّابقة ولا تعلّمها ولا درسها عند معلم ولا مدرّس. فإن الإخبار عن تلك القصص والآيات كاشف عن اتّصاله بمبدإ أعلى فوق المبادئ وفوق عالم الطبع والطبيعة وهو الله الذي لا إله إلّا هو ، الذي هو صلىاللهعليهوآله يدّعيه ويدعو إليه عالم البشريّة طرّا فتلك الأخبار مصدّقة له فيما يدعيه وكانت من المعاجز والكرامات التي لا بدّ من حمدها وشكرها. فلذا أمره الله تعالى بأن يحمده على هذه النّعم المعنويّة ، أي العلوم والمعارف المكشوفة له في هذه السّورة بل وغيرها من السور الماضية. ويؤخذ من الكريمة أنّ الله تعالى أعطانا دستورا بأن كل إنسان يشرع في بيان مقصد ينبغي أن يبتدئ أوّلا بحمده تعالى وبعد ذلك أن يسلّم على محمّد وآله وعلى جميع أوليائه الذين لهم حق التقدّم كما هو ديدن أهل المنابر والخطباء وأصحاب الرسائل في أوائل رسائلهم ، وكذلك أرباب التأليف والصّحف والتّصانيف والأدباء الذين يجب أن يراعوا هذه السنّة الحسنة وهو سبحانه وتعالى راعى هذا المشروع حيث أنّه أمر بذلك وأخذ في مقصوده ففهّمنا وحثّنا قولا وعملا على ما فعله ثم قال سبحانه مخاطبا (آللهُ خَيْرٌ) لمن يعبده (أَمَّا يُشْرِكُونَ) أي ما يعبد أهل مكّة من الأصنام؟ وهذا إلزام لهم وتهكم عليهم إذ لا خير