٤ ـ (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً ...) أي فرقا ، أذلّ بعضهم بالاستبعاد والاستعمال في الأعمال الشاقة كطائفة بني إسرائيل ، وأعزّ الآخرين بإعطائهم المناصب الرفيعة والمقامات العالية السامية كالقبطيّين. والتفريق شأن الملوك وزعماء السياسة والاستبداد فإنهم يفرقون بين الأمّة والشعب ويجعلونها أحزابا ويتوسّلون به إلى نيل مقاصدهم معتمدين على قاعدة : فرّق تسد ، ولذا نهى الله تعالى عن التفرقة وقال (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعني كونوا حزبا واحدا له تعالى ويؤيّد هذا التفسير قوله تعالى : (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً) أي بني إسرائيل (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) هذا بيان وتفسير للاستضعاف ، أي يقتل الأبناء لأنه أخبره الكاهن بأنّه يتولّد ولد من بني إسرائيل يزيل ملكك ويهلكك وقومك. وفي الكشاف أنه قتل تسعين ألفا من أولاد بني إسرائيل ذكورا وكان يخلّي النساء والبنات ويستخدمهنّ لحرمه ولنساء القبطيّين ، وهذا معنى الاستحياء. ونقل عن السّدي أنّ فرعون رأى في منامه أن نارا وجدت من ناحية بيت المقدس وأحرقت بيوت مصر والقبطيين وسلم منها بنو إسرائيل. فبعث إلى العلماء المعبّرين والكهنة وسألهم عن تعبير الرؤيا فقالوا سيظهر من هذا البلد رجل يكون إزالة ملكك وهلاك نفسك وقومك على يده ، فمن ذلك اليوم أخذ فيما فعل كما ذكر في الآية وأمر بتفريق نساء بني إسرائيل عن رجالهن واستخدم النسوان لنساء أهل القبط. فهو من المفسدين في الأرض.
٥ و ٦ ـ (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ...) أي نتفضّل (عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) بخلاصهم من بأسه في المآل. والجملة حال من (استضعف) أو حكاية حال ماضية (وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) مقدّمين في الدّنيا والآخرة (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) لملك فرعون وأمتعته وأمواله وأملاكه وكل شيء من الفرعونيّين (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) نقوّيهم ونشدّ أزرهم ونسلّطهم على أرض مصر ومكان سلطة فرعون وأرض الشام (وَنُرِيَ