(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧))
١٤ ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ...) أي غاية قوّته ونشوئه ونموّه ، وهو بلوغه إلى الثلاثين ، وعن ابن عباس إلى الأربعين سنة. ويصدّقه الحديث المشهور : لم يبعث نبيّ إلّا على رأس الأربعين وفي معاني الأخبار عن الصّادق عليهالسلام في تفسير (أَشُدَّهُ) ثماني عشرة سنة (وَاسْتَوى) تمّ في استحكامه وبلغ الأربعين تمامه أو اعتدلت قامته وعقله. وقيل أشدّه هو بلوغه ثلاثين سنة ، والاستواء هو أن يبلغ الأربعين ، وفيه يكمل العقل. فإذا تمّ العقل يصير الإنسان قابلا لإفاضة الفيض من المبدأ الأعلى اي الإفاضة الخاصّة (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) اي النبوّة وعلما بالدّين وهذان هما الإفاضة الخاصّة التي لا ينالها إلا الأوحديّ من البشر (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي كما فعلنا مع موسى وأمّه من اللّطف والكرم والإحسان هكذا نجزي المحسنين من كلّ من يعمل عملا حسنا مرضيّا عندنا. وفي القمي عن الباقر عليهالسلام في حديث قال : فلم يزل موسى عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال ، وكان ينكر ما يتكلم به موسى من التوحيد حتى همّ به