٣٣ و ٣٤ ـ (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً ...) أي أنه عليهالسلام ذكر المحذور الذي يخالج نفسه من أنه يخاف أن يقتلوه لأنه قتل منهم قبطيّا قبل أن يغادر مصر. فهذا شأني (وَأَخِي هارُونُ) الموجود في مصر (هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً).
إنما قال ذلك لعقدة ولكنة كانت في لسانه ، وقد مرّ فيما مضى ذكر سببها وقد أزالها الله ، أكثرها أو جميعها ، بدعائه عليهالسلام : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) .. إلخ ، (فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً) أي عونا لي (يُصَدِّقُنِي) يكون مصدّقا لي في بيان الحجج وتزييف الشّبه حيث إنّه منطيق (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) حيث لا يفهمون مقصدي من عقدة لساني ولقصور بياني.
٣٥ ـ (قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ...) أي نجعله عونا لك ونقوّيك به كما تريد في مقام الدّعوة وإظهار نبوّتك (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) أي غلبة وسلطة بالحجج (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) أي فرعون وقومه لا يصلون إلى الإضرار بكما (بِآياتِنا) بسبب ما نعطيكما من الآيات أو متعلق بمقدّر : (اذهبا إلي فرعون بآياتنا) الباهرة (أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) لفرعون وملئه ، القاهرون لهم. وهذه الغلبة غير السلطان فإن السلطان بالحجّة والغلبة بالقهر حين هلك فرعون ومتابعوه ، وملك موسى وقومه ديارهم.
* * *
(فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧))