بلولا الذي قلنا جوابه محذوف هو لولا الأوّل الذي هو امتناعي ولو لا الثاني تحضيضيّ ، والفاء في (فَيَقُولُوا) عاطفة على قوله (أَنْ تُصِيبَهُمْ) وفي قوله (فَنَتَّبِعَ) جواب لولا التحضيضية حيث إنه في حكم الأمر ، لأن (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ) في معنى قولك : أرسل إلينا رسولا فنتّبعه.
٤٨ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) ... أي جاء محمد إلى مشركي العرب من أهل مكّة وأرسلناه إليهم (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) فحينما جاء محمد بمثل ما جاء به موسى من المعجزات من اليد والعصا والكتاب جملة قالوا هذا تعنّتا واقتراحا ، فالله تعالى احتّج على المشركين بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) فبيّن كفر القبطيين ومشركي عصر موسى بقولهم : (سِحْرانِ) أي اليد والعصا أو المراد به : ساحران فمن باب المبالغة عبّروا به ومرادهم موسى وهارون (تَظاهَرا) تعاونا وتعاضدا لإظهار تلك الخوارق (وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍ) منهما (كافِرُونَ) فالقبطيّون أنكروا ما أتى به موسى قبل عصر محمد. فاذا أتى محمد بمثل ما أتى به موسى أنتم تكفرون به وتنكرونه وتحملونه على السّحر كما فعل قوم موسى لأنكم أبناء جنس واحد والكفر ملّة واحدة ، قال بعض المفسرين : وكانت هذه المقالة حين بعث كفّار مكة رهطا منهم إلى رؤساء اليهود بالمدينة في عيد لهم فسألوهم عن محمد فأخبروهم بنعته وصفته في كتابهم التوراة فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بما أخبرهم به اليهود عن التّوراة ، فقالوا عند ذلك (سِحْرانِ تَظاهَرا) أي التوراة والقرآن سحران توافقا (وَقالُوا) أعني مشركي قريش (إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) أي الكتب السماوية والأنبياء.
٤٩ و ٥٠ ـ (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما) ... أي من التوراة والقرآن (أَتَّبِعْهُ) وأؤمن به معكم وأعترف بما فيه وأتديّن به إن صدقتكم بقولكم ، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) لم يأتوا بكتاب أهدى ، أو حجّة أقوى