(فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) أي يتكلمون من عند أنفسهم إذ لو اتّبعوا حجة وبرهانا لأتوا بهما (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) أي لا أضلّ منه. والاستفهام بمعنى النفي كما فسّرناه. وفي الكافي عن الكاظم عليهالسلام في هذه الآية قال : يعني من اتّخذ دينه رأيه (بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) أي بغير إمام من أئمّة الهدى (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الّذين ظلموا أنفسهم بانهماكهم في اتّباع الهوى وتوغّلهم في الجحود والعتوّ فاتّبعوا تسويلاتهم النفسانيّة ومتمنيّاتهم الشيطانية مع وضوح دلائل الحق والحجج الدالة على حقيقة الإسلام.
* * *
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥))
٥١ ـ (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ ...) أي أنزلنا القرآن متّصلا بعضه في أثر بعض ليتصل الذّكر. أو المعنى متواصلا حججا وعبرا ومواعيد ، فأتبعنا الدعوة بالحجج والمواعظ (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) فيتدبّرون ويعتبرون فيطيعون.