(وَعَمِلَ صالِحاً) مشفعا الإيمان بالعمل ، إذ يعرف أن العمل هو الجزء الأخير من العلة للفلاح ، والعلم بلا عمل لا يفيد كالشجر بلا ثمر. وفي القمي عن الصّادق عليهالسلام قال : إن العبد إذا دخل قبره وفزع منه يسأل عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ويقال له : ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم فإن كان مؤمنا قال : أشهد أنّه رسول الله جاء بالحق ، فيقال له : ارقد رقدة لا حلم فيها ، ويتنحّى عنه الشيطان ويفسح له في قبره سبعة أذرع ويرى مكانه من الجنّة. وإذا كان كافرا قال : ما أدري ، فيضرب ضربة يسمعها كلّ من خلق الله إلا الإنسان ويسلّط عليه الشيطان وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له أنا أخوك ، وتسلّط عليه الحيّات والعقارب ، ويظلم عليه قبره ، ثم يضغطه ضغطة تختلف لها أضلاعه عليه. فيستفاد من هذه الرواية أن النداء كان في عالم الدنيا لا في القيامة ، ثم إن المشركين قالوا (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) فطعنوا وقالوا لم اختار الله محمدا للنبوّة وما اختار رجلا عظيم المنزلة والشأن من الطائف مثل عروة بن مسعود الثقفي أو من أهل مكة كالوليد بن المغيرة فينبغي أن يكون صاحب هذا المنصب العالي مثل هؤلاء الرجال لا مثل محمد يتيم أبي طالب فأجابهم الله سبحانه بقوله :
٦٨ و ٦٩ ـ (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ...) أي يوجد كلّ شيء يريده بلا مانع ولا رادع (وَيَخْتارُ) لرسالته من هو الأصلح لعباده ، فإنه الخالق لهم وهو يعرف الأصلح من غيره فليس لعباده كالوليد بن المغيرة وغيره من صناديد العرب أن يطعنوا في من اختاره الله واصطفاه للرسالة ويؤثروا على من اختاره الله غيره ممّن لا يصلح لها ولا له الأهلية لذلك (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) أي ليس لهم الاختيار. والخيرة اسم من الاختيار أقيم مقام المصدر (سُبْحانَ اللهِ) أي هو تعالى منزّه عن أن ينازعه أحد أو يزاحمه فيما اختاره (وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ارتفع عن إشراكهم الحامل لهم أن يختاروا على مختاره تعالى غير المختار. وفيه ردّ على من جعل الإمامة