يصهر بن فاهث بن لاوى وموسى بن عمران بن فاهث بن لاوى من أولاد يعقوب (فَبَغى عَلَيْهِمْ) تكبّر وطلب الفضل والتفوّق عليهم بعد أن كان في زمان فقره واحتياجه متواضعا وخليقا ، وكان ممن آمن بموسى واختاره موسى في السبعين الذين اختارهم لميقاته فكان منهم وسمع كلامه تعالى وكان أقرأ بني إسرائيل في قراءة التوراة وأتقنهم. وقيل إنّ إيمانه كان ظاهريّا وفي الباطن كان كافرا كالسّامري ، فأراد سبحانه أن يختبره حتى يظهر كفره ونفاقه على الناس جميعا فأعطاه مالا وجاها عريضا فتطاول على بني إسرائيل وتكبّر بحيث خرج عن إطاعة موسى وأنكر ما جاء به واستطال عليهم بكثرة كنوزه كما قال جلّ اسمه (وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ) من الأموال المدّخرة (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) أي ما يفتح به الغلق بناء على كونها جمع مفتح بالكسر ، وأما بناء على كونها مفتح بالفتح فهو الخزانة. والأوّل هو الأنسب الأظهر ، وتذكير الضمير باعتبار بعض المستفاد من كلمة (مِنْ) والمراد مفاتيح الصناديق (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) تثقل عليهم وتعجز عن حملهم إياها وحفظهم لها. والعصبة : قيل هو العشرة كما قال تعالى في إخوة يوسف : ونحن عصبة ، وكانوا عشرة لأن يوسف وأخاه لم يكونا معهم ، وقيل أربعون ، وقيل ستّون. ثم بيّن سبحانه أنه كان في قوم موسى عليهالسلام من وعظ قارون بأمور ، أحدها قوله (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) أي لا تبطر بالنّعمة ولا يلهك المال عن الآخرة لأن من يعلم أنه سيفارق الدنيا لا يفرح بها. وثانيها قوله تعالى :
٧٧ ـ (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ ...) أي من الأموال ، فاطلب بها الآخرة بإنفاقها في سبل الخير الموصلة إليها. وثالثها : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) واعمل في الدنيا للآخرة ولا تنس أن تعمل لآخرتك ، لأن حقيقة نصيب الإنسان من الدنيا هو الذي يعمله لآخرته. أو المراد لا تنس من هذه الأموال التي أعطاك الله إياها في الدنيا حظّ نفسك ، وخذ منها مقدارا تشتري به الجنّة ، ولا تتركها كلّها للورّاث حتى ثلثها الذي جعله الله لك فيجب أن تستفيد منه في أمر آخرتك فإن نصيب المرء من الدنيا ليس غير