ما أنفقه في طاعة الله. قال صلىاللهعليهوآله : فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب ، ولا بعد الدّنيا دار إلّا الجنة أو النار ، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، ومن الشبيبة قبل الكبر ، ومن الحياة قبل الموت. والرابعة (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) أي أنفق إلى عباد الله بإزاء إحسان خالقهم إليك ، ويدخل فيه وجوه الخير والإعانات. والخامسة (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) أي لا تطلبه. والمراد من الفساد الظلم والاستطالة على الناس ، والجناية ، بل مطلق المعاصي والخيانات فهي فساد في الأرض ، والعلم عند الله تعالى. وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليهالسلام : فساد الظاهر من فساد الباطن ، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ، ومن خان الله في السرّ هتك الله سرّه في العلانية ، وأعظم الفساد أن يرضى العبد بالغفلة عن الله تعالى ... وكانت هذه الخصال الخمس من أوصاف قارون وأحواله وأصلها يرجع إلى حبّ الدنيا ، ولذا قيل : إنه رأس كل خطيئة.
٧٨ ـ (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي ...) اختلف في معناه ، فقيل : أراد إنما أعطيت هذا المال بفضل وعلم عندي ليسا موجودين عندكم ، يعني أنه قدّر هذا المال ثوابا من الله تعالى له لفضيلته على سائر بني إسرائيل كما أخبر سبحانه عن عقيدة هذا الفاسق بقوله : (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) وقيل معناه : لرضاء الله عنّي ومعرفته باستحقاقي أعطاني هذا المال والجاه. وقيل معناه إن المال حصل لي على علم عندي بوجوه جمع المال من المكاسب والتجارات والزراعات وغيرها. وقيل علم عندي بصنعة الذهب وهو علم الكيمياء عن الكلبي. ثم إنه تعالى توبيخا على اغتراره بقوّته وكثرة أمواله وتخويفا له يقول : (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً) كشداد وعاد وثمود وأصحاب الرس (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) قال القمي : أي لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء المهلكين.