ذلك فأخبره الملك أنه يونس ، وأنّ الله حبسه في بطن الحوت. فقال له قارون : أتأذن لي أن أكلّمه؟ فأذن له ، فسأله عن موسى فأخبره أنه مات ، فبكى. ثم سأله عن هارون فأخبره أنّه مات ، فبكى وجزع جزعا شديدا. وسأله عن أخته كلثم وكانت مسمّاة له ، فأخبره أنها ماتت ، فبكى وجزع جزعا شديدا. قال فأوحى الله إلى الملك الموكّل به أن ارفع عنه العذاب بقية أيام الدنيا لرقّته على قرابته.
٨٢ ـ (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ ...) أي الذين كانوا يترجّون مكانة قارون ويأملون منزلته ورفيع جاهه قبل الخسف ، وكانوا يقولون يا ليت لنا مثل ما كان لقارون من الأموال والرفعة ، فبعد الخسف رجعوا من مقالتهم وكانوا متأثرين ومتأسفين على ما ترجّوه وأمّلوه ، وأقبلوا على الصّلاح والسّداد وزجروا القائلين بالمقالة قبل الخسف بقولهم (ويك إن الله) كلمة وي تستعمل في الزّجر ، ركبّ مع كاف الخطاب نحو ذلك اي أمنعك أيّها القائل عن مقالتك غير المرضيّة لله والباعثة على هلاك نفسك حيث إن الله تعالى ، (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) أي أن سعة الرزق وضيقه بيد قدرته وحسب ما تقتضيه الحكمة وتحكم المصلحة. ويستعمل في التعجّب أي موضوعة له على ما نقل عن أهل اللغة. أي أتعجّب من تلك المقالة وأنّ الله يبسط الرزق ، الآية .. وعن القمي : هي كلمة سريانيّة ، وقيل معاني أخر ، كقول البعض : وي كلمة يستعملها النّادم لإظهار ندامته : ولعل هذا المعنى أحسن المعاني وانسبها بالمقام والله أعلم. وتأويلات فيها والله تعالى اعلم بها.
* * *
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَنْ