والحاصل أن نوحا عليهالسلام أرسل إلى قومه على رأس أربعين سنة من عمره الشريف فلبث فيهم تسعمئة وخمسين عاما وهو يدعوهم إلى الله فلا يجيبونه (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) فاستجاب الله دعاءه (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) لأنفسهم بإصرارهم على كفرهم. والطوفان هو بيان لكل شيء أطاف وأحاط بكثرته وغلبته من الماء الكثير أو الظلام أو أمثال ذلك.
١٥ ـ (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ ...) أي أنجينا نوحا ومن ركب معه فيها. وقد أشرنا آنفا إلى عدّتهم. وعاش بعد هلاك القوم ونجاة من ركب السفينة ستّين عاما (وَجَعَلْناها) أي القصة (آيَةً لِلْعالَمِينَ) يعتبرون بها فيتعظون. ومن جملة الأمم المصرّين على الكفر والإلحاد قوم إبراهيم عليهالسلام على ما ذكر قصّتهم هو تعالى في كتابه فقال عزّ من قائل :
* * *
(وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨))
١٦ ـ (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ...) عطف على نوح. أي : أرسلنا إبراهيم. وقيل نصبه على تقدير اذكر ، أي : اذكر يا محمد قصة إبراهيم