(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي الاتّقاء والطاعة والعبادة خير لكم من شرككم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الخير من الشرّ والنفع من الضّرر.
١٧ ـ (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...) أي غير الله (أَوْثاناً) جمادات تسمّونها أربابا (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) تكذبون كذبا في تسميتهم آلهة (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) لا يقدرون أن يرزقوكم شيئا ممّا تحتاجون إليه ليلا ونهارا. فما فائدة تلك الجمادات التي تنحتونها وتعبدونها وأنتم أشرف وأنبل منها؟ والأشرف أولى أن يكون معبودا ، أفلا تتدبّرون؟ (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ) العبادة ينبغي أن تختص بمن هو الرزاق ذو القوة والقدرة المتين وهو الله الذي لا إله إلّا هو (وَاشْكُرُوا لَهُ). فإن الشكر قيّد للنّعمة العاجلة وصيد للنّعمة الآجلة.
١٨ ـ (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ ...) يحتمل أن تكون الشريفة من جملة قصّة إبراهيم وتسلية له عليهالسلام كما تقتضيه الآيات السابقة واللّاحقة بحكم السّياق. لكن عن القمّي أنه قال : انقطع خبر إبراهيم وخاطب الله أمة محمد صلىاللهعليهوآله فهذا من المنقطع المعطوف. وأيّد هذا الكلام بقول بعض أرباب التفاسير أن ساق خبر إبراهيم لتسلية الرسول والتنفيس عنه بأن خليل الله كان مبتلى بما ابتلي به نبيّنا من شرك القوم وتكذيبهم ، وتشبيه حاله فيهم بحال إبراهيم في قومه. ولذلك توسط مخاطبتهم بين طرفي قصته (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي كذبوا رسلهم ولم يضرّهم تكذيبهم وإنما ضرّوا أنفسهم. فكذا شركهم وتكذيبهم إيّاك يلحق ضرره بهم.
* * *
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ